هذه تكملة للصورة .فلما أنجاهم اللهُ مما تعرّضوا له من الشدّة والهلاك ،نقضُوا عهدَهم ،وعادوا يبغون في الأرض ويفسدون بغير الحق .
وبعد أن حكى المثل في ذلك المشهد الرهيب خاطب البغاة في أي مكان كانوا وفي أي زمان وُجدوا فقال:
{يا أيها الناس إِنَّمَا بَغْيُكُمْ على أَنفُسِكُمْ ...}الآية .
أيها الناقضون للعهد ،إن عاقبةَ بغيكم وظلمكم سترجِع عليكم وحدَكم ،
أما ما تحصُلون عليه من ظلمكم هذا فهو مجرد متاع دنيوي زائل ،ينقضي بسرعة ،ثم تعودون إلى الله فيجزيكم بأعمالكم التي اقترفتموها .
والحق ،أن البغي ،وهو أشدّ أنواع الظلم ،يرجع على صاحبه ،لما يولّد من العداوة والبغضاء بين الأفراد ،ولما يوقد من نيران الفتن في الشعوب .
روى الإمام أحمد والبخاري عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثٌ هنّ رواجع على أهلها: المكر ،والنكث ،والبغي ) ثم تلا:{يَا أَيُّهَا النَّاس إِنَّمَا بَغْيُكُمْ على أَنفُسِكُمْ} .{وَلاَ يَحِيقُ المكر السيئ إِلاَّ بِأَهْلِهِ} [ فاطر: 43]{ومَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ على نَفْسِهِ} [ الفتح: 11] .