عندما نزلت الآيات السابقة ،وفيها مدح للقسيسين والرهبان ،ظن بعض المؤمنين أن في هذا ترغيبا في الرهبانية ،ودعوةً إلى ترك الطيبات من الطعام واللباس والنساء ،فأزال الله تعالى هذا الظن بهذا النهي الصريح .
ذلك ما يرويه كثير من المحدّثين .فقد روى الطبري: أن عثمان بن مظعون وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود والمقداد بن الأَسْود ،وسالماً مولى أبي حذيفة ،وقدامة بن مظعون تبتّلوا فجلسوا في البيوت ،واعتزلوا النساء ،ولبسوا المسوح وحرّموا طيبات الطعام واللباس ،وهمّوا بالاختصاء وأجمعوا على القيام بالليل وصيام النهار ،فنزلت هذه الآية .فلما نزلت ،بعثَ إليهم رسول الله فقال: «إن لأنفسكم حقاً ،وإن لأعينكم حقاً ،وإن لأهلكم حقا ،فصلّوا وناموا ،وصوموا وأفطِروا ،فليس منا من ترك سنّتنا » فقالوا: اللهمّ صدّقْنا واتبعنا ما أنزلت مع الرسول .
والمعنى: يا أيها الذين آمنوا ،لا تحرّموا على أنفسكم ما أحلّ الله لكم من الطيبات ،ولا تتجاوزو الحدود التي شرعها الله لكم من التوسط في الأمور ،إن الله لا يحب ذلك .