/م87
التّفسير
القسم وكفارته:
في هذه الآية والآيات التّالية لها مجموعة من الأحكام الإِسلامية المهمّة ،بعضها يشرع لأوّل مرّة ،وبعض آخر جاء توكيداً وتوضيحاً لأحكام سابقة وردت في آيات أخرى من القرآن ،لأنّ هذه السورةكما سبق أن قلنانزلت في أواخر عمر رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) فكان لابدّ من التأكيد فيها على أحكام إسلامية مختلفة .
في الآية الأولى إِشارة إلى قيام بعض المسلمين بتحريم بعض النعم الإِلهية ،فنهاهم الله عن ذلك قائلا: ( يا أيّها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ){[1109]} .
إِنّ ذكر هذا الحكم ،مع أخذ سبب النّزول بنظر الاعتبار ،قد يكون إِشارة إلى أنّه إِذا كان في الآيات السابقة شيء من الثناء على فريق من علماء المسيحية ورهبانها لتعاطفهم مع الحقّ والتسليم له ،لا لتركهم الدنيا وتحريم الطيبات ،وليس للمسلمين أن يقتبسوا منهم ذلك ،فبذكر هذا الحكم يعلن الإِسلام صراحة استنكار الرهبنة وهجر الدنيا كما يفعل المسيحيون والمرتاضون ( ثمّة شرح أوفى لهذا الموضوع في تفسير الآية ( 27 ) من سورة الحديد: (...ورهبانية ابتدعوها ) .
ثمّ لتوكيد هذا الأمر تنهي الآية عن تجاوز الحدود ،لأنّ الله لا يحبّ الذين يفعلون ذلك ( ولا تعتدوا إِنّ الله لا يحبّ المعتدين ) .