يدينون دين الحق: يعتنقون الإسلام .
الجزية: الضريبة على الأشخاص لا على الأرض أو التجارة أو الماشية .
وهم صاغرون: أذلاء ،خاضعون .
بعد أن ذكر الله تعالى أحكام المشركين في إظهار البراءة من عهودهم ،وفي وجوب مقاتَلَتِهم وإبعادِهم عن المسجد ،جاء هنا بحُكم أهل الكتاب وبيان الغاية منه .وفي ذلك توطئةٌ للكلام عن غزوة تبوك والخروج إليها في زمن العُسرةِ وقتَ الحر الشديد في الصيف ،وما يتعلق بها من فضيحة المنافقين .ثم بعد ذلك بيّن انحراف اليهود والنصارى عن دِينهم الأصلي ،وأنهم اتّخذوا أحبارَهم ورهبانَهم أرباباً من دون الله ،وأنهم يسعون في إبطال الإسلام ،وإخفاء الدلائل الدالة على صدق رسول الله وصحة دينه .
يا أيها الذين آمنوا ،قاتِلوا الكافرين من أهل الكتاب الذين لا يؤمنون إيماناً صحيحاً بالله ،ولا يقرّون بالبعث والجزاء إقرارً صحيحاً ،بل يقولون إن حياة الآخرة حياةٌ روحانية يكون فيها الناس كالملائكة .وهم لا يحرّمون ما نهى الله ورسوله عنه ،ولا يعتنقون الدين الحق وهو الإسلام ...قاتِلوهم حتى يؤمنوا ،أو يؤدُّوا الجِزيةَ خاضعين طائعين .
والجزيةُ ضريبة مالية من أموال غير المسلمين المستظِلّين براية الإسلام ،وهي مقدار يتراوح بين اثني عشر درهما ،وثمانيةٍ وأربعين .وذلك ليُسهموا في ميزانية الدولة التي تحميهم في أنفسِهم وأموالهم وأعراضهم .فهي في مقابل ما يؤخذ من المسلم ،فالمسلم يُؤخَذ منه خُمس الغنائم ،والزكاة ،وصدقة الفطر ،وغير ذلك مثل الكفّارات للذنوب المختلفة .وتنفق الجزية في المصالح العامة ،وعلى فقراء أهل الذمة أيضا .
وتفرض الجزية على أهل الكتاب ،ولا تُفرض على المشركين .هكذا عند جمهور العلماء .ويقرر أبو حنيفة أنها تفرض على غير المسلمين جميعا ،أما المشركون الذين لا تقبل منهم فهم مشركو العرب فقط .
وفيما يلي عهد كتبه أحد أمراء عمر بن الخطاب إلى مَرزُبان وأهل دهستان .
«هذا كتاب سويد بن مقرن لمرزبان بن صول بن رزبان وأهل دهستان .وسائر أهل جرجان أن لكم الذمة وعليكم المنعة ،على أن عليكم من الجزاء في كل سنة على قدر طاقتكم على كل حالم ،ومن استعنّا به منكم فله جزاؤه في معونته عوضا عن جزائه ،ولكم الأمان على أنفسكم وأموالكم ومللكم وشرائعكم ولا يغير شيء من ذلك » .
شهد بذلك سواد بن قطبة ،وهند بن عمر ،وسماك بن مخزمة وعتيبة بن النهاس .