{أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون 45 أو يأخذهم في تقلبهم 1 فما هم بمعجزين 46 أو يأخذهم على تخوف 2 فإن ربكم لرءوف رحيم 47} [ 45-47] .
في الآيات:
تساؤل يتضمن معنى التنديد والإنذار عما إذا كان الذين يمكرون السيئات ويقفون من النبي موقف الجحود والمكر والكيد قد أمنوا نقمة الله وغضبه في حين أنه قادر على أن يخسف بهم الأرض أو يسلط عليهم بلاء مفاجأة من حيث لا يدرون ،أو يسلط عليهم أسباب الخوف والهلاك والعذاب والخسران في رحلاتهم وينقصهم في أموالهم وأنفسهم .
وتقرير ينطوي على أن الله إذا لم يفعل بهم شيئا من ذلك عاجلا ؛فلأنه ترك لهم المجال للتدبر والتفكر وفق ما اقتضته حكمته وصفات الرحمة والرأفة التي يتصف بها .
والآيات متصلة بسابقاتها وعاطفة عليها ،ومتسقة مع موضوع السياق بوجه عام كما هو المتبادر .وقد استهدفت إثارة الخوف في قلوب الكفار ومنحهم فرصة الرجوع إلى الله .
وما انطوى في الفقرة الأخيرة من الآية الثالثة انطوى بصراحة أكثر في آية سورة الكهف السابقة لهذه السورة:{وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا 58} ، وآية سورة فاطر هذه:{ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا 45} ،وجاء في آية من سورة النحل نفسها تأتي بعد قليل .
ولقد آمن معظم الذين كفروا وكانوا موضوع إنذار الله ظهرت حكمة الله ومعجزة القرآن في إمهالهم وفي كون الله عز وجل إنما توخى من إنذارهم وتقريعهم صلاحهم و هدايتهم .