التّفسير
لكلِّ ذنب عقابه:
ثمّة ربط في كثير من بحوث القرآن بين الوسائل الاستدلالية والمسائل الوجدانية بشكل مؤثر في نفوس السامعين ،والآيات أعلاه نموذج لهذا الأُسلوب .
فالآيات السابقة عبارة عن بحث منطقي مع المشركين في شأن النّبوة والمعاد ،في حين جاءت هذه الآيات بالتهديد للجبابرة والطغاة والمذنبين .
فتبتدئ القول: ( أفأمِنَ الذين مكروا السيئات ) .
من الذين حاكوا الدسائس المتعددة حسباً منهم لإِطفاء نور الحق والإِيمان ( أن يخسف بهم الأرض ) .
فهل ببعيد ( بعد فعلتهم النكراء ) أنْ تتزلزل الأرض زلزلة شديدة فتنشق القشرة الأرضية لتبتلعهم وما يملكون ،كما حصل مراراً لأقوام سابقة ؟!
«مكروا السيئات »: بمعنى وضعوا الدسائس والخطط وصولا لأهدافهم المشؤمة السيئة ،كما فعل المشركون للنيل من نور القرآن ومحاولة قتل النّبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) وما مارسوه من إِيذاء وتعذيب للمؤمنين المخلصين .
«يخسف »: من مادة «خسف » ،بمعنى الاختفاء ،ولهذا يطلق على اختفاء نور القمر في ظل الأرض اسم ( الخسوف ) ،يقال ( بئر مخسوف ) للذي اختفى ماؤه ،وعلى هذا يسمّى اختفاء الناس والبيوت في شق الأرض الناتج من الزلزلة خسفاً .
ثمّ يضيف: ( أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون أو يأخذهم في تقلبهم )أيْ عند ذهابهم ومجيئهم وحركتهم في اكتساب الأموال وجمع الثروات .( فما هم بمعجزين ) .
وكما قلنا سابقاً ،فإِنّ «معجزين » من الإِعجاز بمعنى إزالة قدرة الطرف الآخر ،وهي هنا بمعنى الفرار من العذاب ومقاومته .