2 استكانوا: استذلوا وخضعوا .
/خ75
وقد قال المفسرون{[1445]}: إن الآية الثانية تضمنت الإشارة إلى القحط والجوع الذي أصاب أهل مكة حتى أكلوا القدّ والعظام والذي كان بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم في ظرف اشتد غضبه عليهم لاشتداد عنادهم وأذاهم ،ورووا أن أبا سفيان جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فناشده الرحم وقال له: ألست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين فقال: بلى ،قال: فادع الله أن يكشف عنا هذا القحط ،فدعا فكشف عنهم فظلوا على عنادهم وجحودهم فنزلت الآيات منددة بهم .وقد ذكروا وأوردوا الرواية في سياق سورة الدخان أيضا على ما شرحناه في سياق تفسير السورة المذكورة .
وصيغة الآية تلهم صحة رواية إصابة أهل مكة ببلاء رباني وكشفه عنهم ، غير أننا نتوقف في رواية مجيء أبي سفيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومنشادته الرحم وطلبه الدعاء لله بكشف البلاء ؛لأن هذا يستلزم أن يكون مؤمنا بصحة نبوة النبي وهو ما لم يكن ،على أن من الممكن أن يكون النبي قد رأف بقومه حين رأى ما أخذهم من جهد ،فدعا الله مؤملا أن يكونوا قد اتعظوا ورقّت قلوبهم فكشف عنهم البلاء ،فلما ظلوا مصرين على كفرهم وطغيانهم ندّد الله بهم هذا التنديد وأنذرهم بعذاب لا يكون لهم فيه باب رحمة وتوبة .
ولا نرى هذا متعارضا مع تقريرنا أن الآيات استمرار للحملة السابقة ؛لأن ذلك ملموح بقوة ،وعطف الآيات على ما سبقها واستعمال ضمير الجمع الغائب الراجح إلى الكفار موضوع الكلام فيه من القرآن على ذلك ؛ولهذا يسوغ أن يقال: إن حكمة التنزيل شاءت أن تشير إلى هذا الحادث الذي يمكن أن يكون وقع قبل نزول السورة في سياق حملة تنديدها على الكفار .