قوله تعالى:{وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُواْ لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} .ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه أخذ الكفار بالعذاب ،والظاهر أنه هنا: العذاب الدنيوي كالجوع والقحط والمصائب ،والأمراض والشدائد ،{فَمَا اسْتَكَانُواْ لِرَبِّهِمْ} أي ما خضعوا له ،ولا ذلوا{وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} أي ما يبتهلون إليه بالدعاء متضرعين له ،ليكشف عنهم ذلك العذاب لشدة قسوة قلوبهم ،وبعدهم من الاتعاظ ،ولو كانوا متصفين بما يستوجب ذلك من إصابة عذاب الله لهم .وهذا المعنى الذي ذكره هنا جاء موضحاً في غير هذا الموضع كقوله تعالى في سورة الأنعام:{وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَآءِ وَالضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلا إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ} [ الأنعام:42-43] وقوله في سورة الأعراف:{وَمَآ أَرْسَلْنَا في قَرْيَةٍ مِّن نَّبِىٍّ إِلاَ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَآءِ وَالضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ * ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَواْ وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ ءَابَاءَنَا الضَّرَّآءُ وَالسَّرَّآءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} [ الأعراف:94-95] إلى غير ذلك من الآيات .