{إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ ( 32 ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ( 33 ) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ( 34 )}
عبارة الآيات واضحة واتصالها بالسياق السابق ظاهر .وفيها عود على بدء في الإيذان بأن الله سيحبط مكائد وأعمال الكفار الصادين عن سبيل الله والمشاقين لرسوله برغم ما ظهر لهم من أعلام الهدى ،وبأنهم لن يضروا الله شيئا بأعمالهم ،وبأنه لن يغفر لمن يموت منهم على حاله هذه ،وفيها في الوقت نفسه هتاف بالمؤمنين بإطاعة الله ورسوله ،وعدم إبطال ثمرة إيمانهم بالانحراف عن ذلك بأي شكل .
وفي الآيات توطيد لأوامر الله ورسوله وبخاصة في أمر الجهاد الذي كان موضوع الكلام في الفصل السابق .وتحذير للمخلصين من الانحراف وحفز للكفار على الارعواء قبل الموت .
وقد قال بعض المفسرين: إن الكفار المعنيين هنا هم أهل الكتاب{[1912]} .
وليس في السياق ما يلهم صحة هذا الاختصاص .والتعبير يتناول كل من وقف موقف الصد والعداء والأذى من المسلمين والدعوة الإسلامية .ولقد ذكرت الآيات الأولى مكن السورة{الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله} وأذنت بإحباط أعمالهم ،وأمرت المؤمنين بقتالهم .وروح هذه الآيات تلهم أن المقصودين هم كفار العرب .وما دام الوصف واحدا فيكون المقصودون هنا هم المقصودون هناك .
وفي الآية الأخيرة تقرير أو توكيد جديد لما نبهنا عليه مرة أخرى من أن الحملات القرآنية على الكفار وتقرير عذابهم الأخروي ،وكون الله لن يهديهم ولن يصلح بالهم وسيحبط أعمالهم إنما هي بالنسبة لمن يبقى على حاله كافرا صادا عن سبيل الله إلى أن يموت .