( 7 ) نكدا: النكد العسر الممتنع عن إعطاء الخير .
/م54
تعليق على دلالة الآية
{والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا}
وقد روى الطبري وغيره عن ابن عباس وغيره أن الآية [ 58] تنطوي على مثل ضربه الله للمؤمن والكافر ،فشبه المؤمن بالأرض الطيبة التي تؤتي ثمرا طيبا والكافر بالأرض السبخة الرديئة التي يكون ثمرها رديئا .والاستنباط سديد وجيه .وفي الآية على ضوئه تنويه بالمؤمنين الذين استجابوا لدعوة الله ورغبوا في الحق والهدى وتنديد بالكافرين الذين ناوأوها ،وتصامموا عن صوت الحق ،وتعاموا عن النور والهدى عنادا ومكابرة .وروح الآية تتحمل تعديلا للتشبيه وهو تشبيه ذوي النفوس الطيبة بالأرض الطيبة وذوي النفوس الخبيثة بالأرض الخبيثة .وبهذا التعديل يمكن تعليل كل موقف لكل فئة وفرد من الهدى والحق إذا ظهرت معالمهما واضحة في كل وقت ومكان وعلى كل مدى ويكون المثل القرآني به من الحكم العامة المستمرة المدى .وهذا ما أردناه حينما نعلل آيات الضلال والهدى والكفر والإيمان بأن الناس الذين يصرون على كفرهم وعنادهم وضلالهم رغم ظهور معالم الحق والهدى إنما يصدون عن سوء نية وخبث طوية ،فيؤذن الله بأنه لن يسعدهم ولن يهديهم ولن يوفقهم ،وأنهم حقت عليهم الضلالة ،وباؤوا بخزي الله ونقمته وسخطه .وإن الذين ينضوون إلى الحق والهدى ويصدقونهما إنما يصدرون عن حسن نية وطيب طوية ورغبة في الإيمان والهدى والحق .فيؤذن الله بأنه كتب لهم السعادة والنجاة واستحقوا رحمته ورضوانه مما تكرر بيانه في مناسبات سابقة .والله أعلم .
ولقد أورد البغوي وابن كثير في سياق هذه الآية حديثا عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم ،كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا ،فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء ،فأنبتت الكلأ والعشب الكثير ،وكانت منها أجادب أمسكت الماء ،فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا ،وأصاب منها طائفة أخرى هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ ،فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ،ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به ) .{[978]} والحديث متساوق مع الاستنباط وموضح للمثل القرآني كما هو المتبادر .