{وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ ( 1 ) لِأَمْرِ اللّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ( 106 )} ( 106 ) .
( 1 ) مرجون: مرجئون .أي مؤخرون وموكولون .
وفي هذه الآية إشارة إلى فريق آخر من المسلمين موكولين لتقدير الله وأمره .فهو العليم بكل شيء والحكيم في كل ما يقدر ويأمر فيعاملهم بمقتضى علمه وحكمته ،فإما أن يراهم مستحقين للعذاب فيعذبهم ،أو مستحقين للرحمة والمغفرة فيرحمهم ويتوب عليهم .
تعليق على الآية:
{وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللّهِ .....................}
وما فيها من صور وتلقين
روى المفسرون أن الآية نزلت في حق فريق من المسلمين المخلصين تخلفوا عن غزوة تبوك ولم يسارعوا إلى الاعتذار والتوبة .فأرجأ الله أمرهم ثم شملهم بتوبته وعفوه في الآية ( 117 ) التي تأتي بعدها بعد قليل .وأوردوا ثلاثة أسماء قالوا إن الآية التي نحن في صددها فيهم .وهم هلال بن أمية ومرارة بن الربيع وكعب بن مالك .
والآية ( 117 ) هي في شأن الذين اشتركوا في الغزوة .وهناك أحاديث صحيحة تذكر أن كعب بن مالك ورفيقه هم الذين نزلت في توبتهم آية أخرى هي الآية ( 118 ) بحيث لا يبقى محل للقول إن الآية التي نحن في صددها نزلت فيهم ؛ولذلك فنحن نتوقف في بعض الروايات التي لم ترد في كتب حديث صحيحة أيضا ،والذي يتبادر لنا من روح الآية وعطفها على ما سبقها أنها هي الأخرى استمرار للسياق الاستطرادي لتشير كما قلنا إلى صنف آخر من صنوف المسلمين لم يكن أمرهم جليا من حيث النفاق أو الإخلاص . وهذه صورة مألوفة كذلك في المجتمعات البشرية .ولعل الآية قد تضمنت تلقينا بعدم التسرع في حق أصحاب هذه الصورة ما داموا لا يهاجرون بذنب ولا يقفون موقفا منكرا وضارا ولو لم يكن أمرهم جليا كل الجلاء .وفي هذا ما فيه من الصواب والحكمة ثم التلقين المستمر المدى إزاء أصحاب هذه الصورة المألوفة في كل ظرف .