قوله تعالى:{وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم الله و إما يتوب عليهم والله عليم حكيم} نزلت هذه الآية الكريمة في الثلاثة الذين خلفوا عن التوبة وهم مرارة بن الربيع وكعب بن مالك وهلال بن أمية ؛فقد قعد هؤلاء عن غزوة تبوك في جملة من قعد كسلا وميلا إلى الدعة والراحة والظل وجني الثمار ،وليس شكا منهم أو نفاقا ؛فكانت طائفة منهم ربطوا أنفسهم بالسواري كما فعل أبو لبابة وأصحابه ،وطائفة لم يفعلوا ذلك وهم هؤلاء الثلاثة ،فنزلت توبة أولئك ،وأرجئت توبة هؤلاء حتى نزلت الآية الآتية وهي قوله:{وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت} الآية{[1895]} .
قوله:{إما يعذبهم وإما يتوب عليهم} هؤلاء الثلاثة مرجون لأمر الله ؛أي مرجئون لأمره ؛من أرجأته أي أخرته ؛فهم بذلك نحن عفو الله ورحمته ،فإن شاء وفقهم للتوبة فتابوا ليغفر الله لهم ،وإن شاء لم يجعل لهم من لدنه توفيقا فلم يتوبوا .وفي كل الأحوال من تزاحم الذنوب والتوبة أو تزاحم الخطايا والاستغفار ؛فإن رحمة الله تغلب غضبه وعذابه .والله سبحانه عليم بما يصير إليه العباد من حسن التوبة ،أو المقام على الذنب .وهو جل وعلا حكيم في تدبيره للعالمين من غير خلل في ذلك ولا زلل .فقال سبحانه:{والله عليم حكيم}{[1896]} .