قوله تعالى:{وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون} أي اعلموا بطاعة الله وبما يرضيه من الأعمال الصالحة مخلصين له وحده .ثم توعد الله العصاة الذين يخالفون أوامر الله ويعملون السيئات أن أعماهم هذه ستعرض على الله وعلى رسوله وعلى المؤمنين في الدنيا قبل الآخرة ؛أي سيراها ويطلع عليها الرسول والمؤمنون وهم في البرزخ ؛فقد روي الإمام أحمد عن أبي سعيد مرفوعا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة ؛لأخرج الله عمله للناس كائنا ما كان ) .
وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أعمالكم تعرض على أقربائكم وعشائركن في قبورهم ،فإن كان خيرا استبشروا به ،وإنا كان غير ذلك قالوا: اللهم ألهمهم أن يعملوا بطاعتك ) .
وروي الإمام أحمد أيضا عن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن أعمالكم تعرض على أقربائكم وعشائركم من الأموات ،فإن كان خيرا استبشروا به ،وإن كان غير ذلك قالوا: اللهم لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا ) .
قوله:{وستردون إلى علم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعلمون}{الغيب الشهادة} ،يعني الخفي المستور ،والظاهر المنظور .قال ابن عباس: الغيب: ما يسرونه .والشهادة: ما يظهرونه ؛أي سوف تصيرون يوم القيامة إلى الله الذي يستوي عنده الباطن والظاهر ؛فهو الذي يعلم سركم وجهركم ،وهو الذي لا يخفي عليه خوافيكم وبواطن أموركم ،فيخبركم بكل ما جرحتموه من الأفعال ،وحينئذ يمحص الله ما كان من ذلك رياء ،وما كان منه طاعة وإخلاصا لوجهه الكريم فيجازيكم على ذلك كله ما تستحقونه من الجزاء{[1894]} .