{وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ( 49 )} ( 49 ) .
في هذه الآية:
( 1 ) صورة خاصة لموقف بعض المنافقين من الدعوة إلى حملة تبوك ؛حيث جاء بعضهم يستأذن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالتخلف ويرجو عدم تعريضه للفتنة والإثم .
( 2 ) ورد عليه بأنه هو وأمثاله قد تورطوا بمواقفهم التي يقفونها في الإثم والفتنة فعلا كأنما تريد أن تقول لهم: إن خوفهم من الفتنة عجيب منهم لأنهم تورطوا فيها بتلك المواقف .
( 3 ) وإنذار لهم بأن جهنم محيطة بالكافرين في كل حال ومآل .
ولقد روى الطبري روايات عديدة في صدد هذه الآية .منها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في استنفاره الناس يقول: انفروا تغنموا بنات بني الأصفر أو بنات الروم .ومنها أن هذا كان لمنافق اسمه الجد كان مغرما بالنساء حيث قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك أو قال له هل لك بجلاد بني الأصفر فتتخذ منهم سراري ووصفاء فقال له: ائذن لي بالقعود ولا تعرضني للفتنة وأنا أعينك بمالي دون نفسي .
وقد تكون الروايات أو رواية الجد صحيحة في الإجمال .فإنه لا يستبعد أن يكلم النبي صلى الله عليه وآله وسلم كل إنسان بما يعرفه فيه من ميول .ومع ذلك فإنه يتبادر لنا سبب آخر للاعتذار ،وهو أن يكون المعتذر قد اعتذر بشدة رغبته الجنسية وعدم إطاقته الصبر عنها طويلا .فالاستمتاع بالسبي ليس في حد ذاته فتنة وإثما يخشى المنافق على نفسه منه .
ومهما يكن من أمر فالآية لم تنزل لحدتها كما هو المتبادر من عطفها على ما قبلها وصلتها بالسياق السابق واللاحق .وإنما هي جزء من السلسلة تضمنت صورة من صور اعتذارات المنافقين على سبيل التنديد بهم .
وفي الآية دلالة مؤيدة لما قلناه قبل من أن المنافقين كانوا أو كان كثير منهم معروفين بأسمائهم كما هو المتبادر .