قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا
وتتوالى الآيات التي تتحدث عن ملامح المنافقين الذين برزوا كظاهرةٍ انهزاميّةٍ منحرفة في أجواء الاستعداد للمعركة ،في ما كانت تمثله من تحدّيات الساحة لكل المظاهر الإيمانيّة التي كانت تختفي خلفها أفكار النفاق ومشاعره .ماذا يقولون ،وكيف يفكرون أو يشعرون تجاه الجماعة المسلمة ؟
أساليب التهرب من القتال
{وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي} فهذا الفريق يحاول أن يظهر أمام النبي( ص ) بمظهر الإنسان الذي يخاف على نفسه من الوقوع في الفتنة التي تهدّد إيمانه ،في ما تتمثل به المعركة من تجربةٍ صعبةٍ يتساقط فيها الضعفاء أمام إغراءات النصر ونتائجه المفرحة ،أو أمام مشاكل الحرب وويلاتها المحزنة .فهو لا يريد الذهاب إلى الحرب لئلا يسقط عندها في إيمانه ،فيخيّل إليكوأنت تسمعهأنه من المؤمنين الذين يخافون على إيمانهم من السقوط أمام حالات الضعف البشريّ من الرغبة والرهبة ،ولذلك ،فإنهم يخشون من التجربة الصعبة التي تهدّدهم بالانحراف ،فيطلبون من الرسول أن لا يعرّضهم لها ،في ما يفرضه عليهم من فروض ،أو يحمِّلهم من مسؤوليّات ،ولكن الله يكشف زيف هذا المنطق ،فإذا كانوا يخشون من نتائج الفتنة ،فلأنها تبعد الإنسان عن الله وتمنعه من الحصول على رضاه ،فكيف بهم الان ،وهم يخضعون للنوازع النفسية التي تدفعهم إلى الابتعاد عن رضاه ،في العمل على التمرّد على أمره ونهيه ،وفي محاولة التخلّص من المسؤوليّة في المحافظة على سلامة الإسلام والمسلمين ،الأمر الذي يجعلهم في مواقع الفتنة بالذات ،من حيث يريدون تفاديها في ما يزعمون ،{أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ} بسبب ما يمارسونه من الانحراف عن خطّ الإيمان في مواقع الجهاد ،وسيتحملون نتائج ذلك في الآخرة{وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} فهي تحاصرهم من كل جانب ،فلا يهربون منها من جهةٍ ،إلاّ ليقعوا فيها من جهةٍ أخرى ،وذلك من خلال إحاطة الكفر بجميع دوافعهم وأعمالهم ونتائجها في الوقوف ضد إرادة الله في الحياة من حولهم .