ولا تفتني: ولا توقعني في المعصية بتخلفي من غير إذن .
49 –{وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ ....}
أي: ومن المنافقين من يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم الإذن له بالعقود عن الجهاد ؛خشية أن يقع في الفتنة بمشاهدة نساء الروم والإعجاب بهن .
لكن هؤلاء المنافقين قد وقعوا وسقطوا في أشد أنواع الفتنة وهي الكفر بالدين والجبن والخوف وعدم الامتثال لهدى سيد المرسلين .
جاء في تفسير ابن كثير وغيره في روايات عن ابن عباس ،وأخرى عن جابر بن عبد الله: أن هذه الآية نزلت في الجد بن قيس قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جد بن قيس( وكان من شيوخ المنافقين ) ما تقول في مجاهدة بني الأصفر ،فقال: يا رسول الله ،أتأذن لي ؛فإني رجل أحب النساء ،وإني أخشى إن أنا رأيت نساء بني الأصفر أن أفتتن ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معرض عنه: قد أذنت لك ،فنزلت الآية86 .
ولما نزلت الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم لبني سلمة – وكان الجد بن قيس منهم: من سيدكم يا بني سلمة ؟قالوا: جد بن قيس ،غير أنه بخيل جبان ،فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وأي داء أدوى من البخل ؟بل سيدكم الغني الأبيض بشر بن البراء بن معرور .
قال الآلوسي: وفي التعبير عن الافتتان بالسقوط في الفتنة ،تنزيل لها منزلة المهواة المهلكة ،المفضحة عن ترديهم في دركات الردى أسفل سافلين .ا ه .
وقال الفخر الرازي: وفيه تنبيه على أن القوم إنما اختاروا القعود ؛لئلا يقعوا في الفتنة ،فالله تعالى بين أنهم في عين الفتنة واقعون ؛لأن أعظم أنواع الفتنة الكفر بالله وبرسوله ،والتمرد على قبول التكاليف التي كلفنا الله بها ... ا ه .
{وإن جهنم لمحيطة بالكافرين} .
وهذا وعيد وتهديد لهؤلاء المنافقين ؛بأن نار جهنم ستحاصرهم يوم القيامة ؛لكثرة خطاياهم فلا يجدون عنها محيصا ولا مهربا ؛كما قال تعالى:
{بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} . ( البقرة: 81 ) .