{لَقَدِ ابْتَغَوُاْ الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاء الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ ( 48 ) وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ( 49 )} .
المفردات:
ابتغوا الفتنة: طلبوا تفريق المسلمين .
وقلبوا لك الأمور: واجتهدوا في استعراضها ؛لتدبير المكايد من أجلك .
التفسير:
48 –{لقد ابتغوا الفتنة من قبل ...}
هنا يذكر الحق سبحانه رسوله بموقف المنافقين المتخاذل في غزوة أحد حين تخلف عبد الله بن أبي بثلث الناس ،وقال: علام نقتل أنفسنا هنا أيها الناس ؟!ورغبوا في إيقاع الشرور والمفاسد في صفوف المسلمين من قبل ما حدث منهم في غزوة تبوك .
{وَقَلَّبُواْ لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاء الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ} .
أي: أنهم قلبوا وجهات النظر كلها ،ودبروا أمورهم لاختيار أنسب الأمور في الكيد لك ،وفتنة المؤمنين من حولك .
{حَتَّى جَاء الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ} .
وكان الله سبحانه ينصر نبيه ويرفع شأنه ويؤازره حتى ظهر الحق على الباطل وانتصر عليه ،فقد انتصر الرسول صلى الله عليه وسلم في كثير من غزواته حتى فتح مكة وفتح خيبر وانتصر في غزوة حنين والطائف ،وبذلك دحر الشرك والمشركين ،وانتصر على اليهود داخل المدينة وخارجها .
{وهم كارهون} .
أي: المنافقون وأشباههم كارهون لذلك ؛فهم يكرهون انتصار الإسلام ؛لأن هذا النصر خيب آمالهم وأحبط مكرهم .
جاء في تفسير ابن كثير:
لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ،رمته العرب عن قوس واحدة ،وحاربته يهود المدينة ومنافقوها .فلما نصره الله يوم بدر وأعلى كلمته ،قال عبد الله بن أبي وأصحابه: هذا أمر قد توجه( أي: أقبل ) فدخلوا في الإسلام ظاهرا ،ثم كلما أعز الله الإسلام وأهله غاظهم ذلك وساءهم ،ولهذا قال تعالى:
{حَتَّى جَاء الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ} .
وهذه الآية والتي قبلها لتسلية الرسول والمؤمنين عن تخلف المنافقين ،وبيان ما ثبطهم الله لأجله ،وهتك أستارهم ،وإزاحة أعذارهم .