يقول تعالى:ومن المنافقين من يقول لك يا محمد:( ائذن لي ) في القعود ( ولا تفتني ) بالخروج معك ، بسبب الجواري من نساء الروم ، قال الله تعالى:( ألا في الفتنة سقطوا ) أي:قد سقطوا في الفتنة بقولهم هذا . كما قال محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، ويزيد بن رومان ، وعبد الله بن أبي بكر ، وعاصم بن عمر بن قتادة ، وغيرهم قالوا:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم - وهو في جهازه - للجد بن قيس أخي بني سلمة:هل لك يا جد العام في جلاد بني الأصفر ؟ فقال:يا رسول الله ، أوتأذن لي ولا تفتني ، فوالله لقد عرف قومي ما رجل أشد عجبا بالنساء مني ، وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر لا أصبر عنهن . فأعرض عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال:قد أذنت لك . ففي الجد بن قيس نزلت هذه:( ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ) الآية ، أي:إن كان إنما يخشى من نساء بني الأصفر وليس ذلك به ، فما سقط فيه من الفتنة بتخلفه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والرغبة بنفسه عن نفسه - أعظم .
وهكذا روي عن ابن عباس ، ومجاهد ، وغير واحد:أنها نزلت في الجد بن قيس . وقد كان الجد بن قيس هذا من أشراف بني سلمة ، وفي الصحيح:أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لهم:من سيدكم يا بني سلمة ؟ قالوا:الجد بن قيس ، على أنا نبخله فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:وأي داء أدوأ من البخل ، ولكن سيدكم الفتى الأبيض الجعد بشر بن البراء بن معرور .
وقوله تعالى:( وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) أي:لا محيد لهم عنها ، ولا محيص ، ولا مهرب .