وبعد ذلك ذكر سبحانه نعيم الجنة المادي والنعيم الروحي وهو تسبيح وسلام وحمد لله رب العالمين ، فقال تعالى:{ دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين 10} .
الدعوى هي مصدر دعا- يدعو ، كالشكوى ، في شكا- يشكو . والدعوى في الدنيا طلب الحق والطلب من الله تعالى .
ودعاؤهم لله تعالى هو تقديسه وتسبيحه وتنزيهه ؛ لأنهم وصلوا إلى أقصى الغايات والمنى فلم يبق إلا أن يسبحوه ويقدسوه وينزهوه ،و( اللهم ):هو نداء لفظ الجلالة ، أي سبحانه يا إله العالمين ويا رب هذا الوجود وخالقه .
{ وتحيتهم فيها سلام} أى ا من ودعة واطمئنان ، وهذه التحية تتبادل بينهم بالأمن والسلام والاستقرار وتحية الملائكة المقربين لهم سلام ، كما قال تعالى:{. . .والملائكة يدخلون عليهم من كل باب 23 سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار 24}( الرعد ) ، وتحية من ربهم ورب هذا الوجود كما قال تعالى:{ سلام قولا من رب رحيم58}( يس ) .
فحياتهم في الجنة تقديس لله وتنزيه وتحيات مباركة وأمن دائم .
{ وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين} أي آخر دعائهم حمد لله سبحانه وتعالى ؛ لأن ما سبق نعم ؛ التقديس نعمة والتحيات نعمة وكلاهما يستحق الحمد . يقول الزمخشري:"أن"هي المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن .
ويقول البيضاوي:لعل المعنى أنهم إذا دخلوا الجنة وعاينوا عظمة الله تعالى وكبرياءه مجدوه ونعتوه بنعوت الجلال ثم حياهم الملائكة بالسلامة من الآفات والفوز بأصناف الكرامات ، فحمدوا الله وأثنوا عليه بصفات الإكرام . ابتدأوا بالتقديس وانتهوا بالحمد . فاللهم اجعلنا منهم وإن لم نعمل عملهم ولكنك غفور رحيم .