{ وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه} ، أي أكرمي إقامته ، أي اجعلوه في مقام مكرم غير مهين ،{ عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا} أي عسى أن ينفعنا ببيعه أو بعمله ، أو نتخذه ولدا ، ويقول تعالى:{ وكذلك مكنا ليوسف في الأرض} أي كهذا الذي كان من أنه وجد بين من يحبونه ، لا يبغضونه ، ويريدون له الحياة ، ولا يريدون الموت:{ مكنا ليوسف}؛ ليعيش معززا مكرما ، ولو في رق وأسر ،{ ولنعلمه من تأويل الأحاديث} لنعلمه:معطوفة على فعل محذوف هو نتيجة التمكين في الأرض ، ليعيش مطمئنا هادئا ، وليتمكن من العدل والإصلاح في الأرض ، ودفع أزماتها ، و( اللام ) لام العاقبة في الفعل المذكور ، والفعل المقدر ،و{ الأحاديث} هي الكتب المنزلة ، أو مأثورات النبيين إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، وتأويلها معرفتها ، ومعرفة مآلها ، وقد يكون من ضمن ما علمه الله تعالى تفسير الرؤى والأحلام ، وقد كانت الطريق لتمكينه في الأرض واقامة العدل فيها .
{ والله غالب على أمره} لا يرده شيء ، ولا يرد قدره شيء ، أرادوا له الضياع ، وأراد الله له الكرامة فكان ما أراد الله ،{ ولكن أكثر الناس لا يعلمون} يغترون بما أوتوا من قوة ، وما مكنوا ، فيعميهم ذلك عن حقيقة السلطان الإلهي ، فلا يعلمون .
كان ذلك التعليم بإلهام من الله وهو صغير لم يبلغ أشده ، ولما بلغ أشده آتاه حكمة وعلما بالأمور وتدبيرها ، عندما تمكن من حكم مصر ، ولذا قال تعالى: