أكرمي مثواه: أحسني معاملته .المثوى: مكان الإقامة .
مكنا ليوسف: جعلنا له مكانة رفيعة .
والله غالبٌ على أمره: قادر عليه من غير مانع حتى يقع ما أراد ،أو غالب على أمر يوسف يدبره ويحوطه .
انتهت محنة يوسف الأولى ،وبدأ عهداً جديداً في بلدٍ جديد عليه ،ومجتمع غريب مختلف عن بيئته وأهله .هناك بيع يوسف لرئيس الشرطة في المدينة وقال رئيس الشرطة لزوجته: خذي هذا الغلام ،اشتريتُه من أصحابه .أكرمي مقامه عندنا لعلّه ينفعُنا أو نتخذه ولدا لنا .
وأحبه سيَدُه كثيراً ،فجعله رئيس خَدَمه ،حتى لم يكن لأحد في الدار كلمة أعلى من كلمة يوسف سوى سيده وسيدته ،كما قال تعالى:{وكذلك مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأرض ...} الآية .
{وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأحاديث} .
ألهمناه قدراً من تعبير الرؤيا ،ومعرفة حقائق الأمور ،والله غالبٌ على كل أمرٍ يريده ،ولكنّ أكثرَ الناسِ لا يعلمون خفايا حِكمته ولطف تدبيره .ذلك أن ما حدث ليوسف من إخوته ،وما فعله الذين أخذوه حراً وباعوه عبدا ،ثم ما وقع له من امرأة العزيز ودخوله السجن ،كل ذلك كان من الأسباب التي أراد الله تعالى بها التمكين ليوسف في الأرض .
وفي هذا تذكير من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وتسلية له عما يلقى في مكة من الأذى ،فكأنه يقول له: اصبر يا محمد ،على ما نالك ،فإني قادر على تغيير ذلك ،كما غيّرت ما لقي يوسف من إخوته ،وسيصير أمرك في العلو عليهم ،كما صار أمر يوسف .