{ ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ( 26 )}
الكلمة الخبيثة هي الكلمة التي تنبعث من خبث النفس ، وضلال الفكر ، وتكون في باعثها أئمة ، وفي غايتها أئمة فهي على نقيض الكلمة الطيبة ؛ لأنها لا تنبعث من إخلاص لله ولرسوله ، ولا تكون طيبة في واقعها ، ولا في نتائجها ، وما يترتب عليها ، وأوضحها الكذب ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"عليكم بالصدق فإنه يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة ، ولا يزال الرجل يصدق حتى يكتب عن الله صديقا ، وإياكم والكذب فإنه يهدي إلى الفجور ، والفجور يهدي إلى النار ، ولا يزال الرجل يكذب حتى يكتب عند الله كذابا"{[1372]} .
والكلمة الخبيثة كالشجرة الخبيثة التي لا فائدة منها{ اجتثت من فوق الأرض} ، أي أنها ليس لها جذوع ممتدة في باطن الأرض ، بل هي على سطحها ، ومعنى{ اجتثت من فوق الأرض} أي ظهرت جثتها من فوق الأرض فليس لها جذور تمتد فيها كبعض أنواع النباتات التي ليس لها جذور تغوص في عروق الأرض ،{ ما لها من قرار} ، أي استقرار وثبات في باطن الأرض ، والمؤدى من هذا التشبيه أن الكلمة الخبيثة لا تعيش في الوجود ، وليس لها بقاء فيه ، بل إنها تنتهي بانتهاء زمانها وتنزل من الأضرار بمقدار وقتها ، كالسعاية والنميمة والكذب والخديعة والغيبة ، وليس لها وجود إلا بمقدار زمانها وقد تضر ، لكن عاقبتها وخيمة ، وطعامها وبئ ، ولا تبقى إلا الكلمة الطيبة ، وما يكون لله وللحق وحده .
وعن قتادة رضي الله عنه أنه قيل لبعض العلماء ما تقول في كلمة خبيثة ؟ فقال:"ما أعلم لها في الأرض مستقرا ولا في السماء مصعدا إلا أن تلزم عنق صاحبها حتى يوافى بها يوم القيامة"، اللهم جنبنا خبث القول ، واجعلنا من الذين قلت فيهم:{ وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد ( 24 )} [ الحج] .