{ وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ( 8 )} .
صرح الله سبحانه بأن ذلك القول من موسى لقومه ، ولم يصرح بأن قوله{ وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم} فاحتمل أن يكون الكلام منسوبا لموسى ، أو هو من كلام الله رأسا ، والأذان هو{ لئن شكرتم لأزيدنكم . . .} إلى آخر الآية ، وسواء أكان الكلام منسوبا لموسى ، أم إلى الله ، فالإيذان بالزيادة في الشكر والعذاب في الكفر من الله ، أما الكلام في هذه الآية فمنسوب لموسى قال لقومه من بني إسرائيل ، أو هم وغيرهم .
وفي هذا النص{ إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا} فيه بيان أن الشكر والكفر مغبتهما تعود على الناس والثقلين جميعا ، ولا تعود على الله تعالى في شيء ؛ ولهذا قال:{ فإن الله لغني حميد} وهذا ينبئ عن جواب الشرط ، والمعنى إن يكفر الناس والثقلان فإن الله لا يضيره شيء ، ولا ينقص من ملكه ، إن الله لغني حميد ، أي لا يحتاج إلى عباده وهو حميد ، أي محمود من الملائكة ، ولقد قال البيضاوي في تفسير كلمة{ حميد}:"مستحق للحمد في ذاته ، محمود تحمده الملائكة وتنطق بنعمه كل المخلوقات ، فما ضررتم بالكفر إلا أنفسكم حيث حرمتموها مزيد الإنعام وعرضتموها للعذاب الشديد"{[1366]} .
روى مسلم عن أبي ذر الغفاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال:"يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر"{[1367]} .