{ وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ( 7 )} .
{ تأذن} بمعنى آذن وأعلم ، ولفظ{ تأذن} يدل على المبالغة في الإعلام ، وتكرره آنا بعد آن ، وشكر النعمة أداؤها فيما خلقت له ، فشكر نعمة الأذن ألا يسمع إلى منكر ، وشكر نعمة اللسان ألا ينطق إلا الحق ، وشكر نعم العقل ألا يذعن إلا للحق ولا يفكر إلا في الوصول إلى الحق والإيمان بالتوحيد ، والإنسان مغمور في نعم من لسان ينطق وأذن تسمع ، وعين تبصر وجوارح تكسب ، وكل نعمة لها شكرها ، فإن شكر زادها الله تعالى .
وكفر النعمة ألا يتخذها في طاعة ، فكفر ذي المال بإنفاقه في غير حله ، والاستعلاء به وبطر العيش ، وأن يطغى إذا استغنى .
ولقد قال تعالى:{ لئن شكرتم لأزيدنكم} هذا شرط مؤكد بالقسم ، والجواب{ لأزيدنكم} جواب القسم ودل على جواب الشرط ، واللام موطئة للقسم ، وكان الجواب مؤكدا بنون التوكيد الثقيلة ، وكذلك في قوله:{ ولئن كفرتم إن عذابي لشديد} هذا لأن الشكر جواب القسم ، وهو دليل على الجواب ، وليس نصا فيه لأن الجواب بمدلول الله ، ولكن كفرتم لأعذبنكم ، إن عذابي لشديد ، والمعنى إن شكرتم أجرتم لا محالة ، وزادكم الله نعمة ، وإن كفرتم منعتم وعوقبتم ، وإن الله تعالى شديد شدة بالغة الغاية .
وإن هذا يدل على أن الطاعة تعود عائدتها على من قام بها ؛ لأن شكر المنعم ، وشكر النعمة يزيدها ، وإن كفر النعمة معه عذاب أليم ، والله غنى عن العباد ؛ ولذا قال تعالى:
{ وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ( 8 )} .