عطف على{ إذ أنجاكم من آل فرعون} فهو من كلام موسى عليه السلام والتقدير: واذكروا نعمة الله عليكم إذ تأذّن ربكم لئن شكرتم الخ ،لأن الجزاء عن شكر النعمة بالزيادة منها نعمةٌ وفضل من الله ،لأن شكر المنعم واجب فلا يستحق جزاءً لولا سعة فضل الله .وأما قوله:{ ولئن كفرتم إن عذابي لشديد} فجاءت به المقابلة .
ويجوز أن يعطف{ وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد} على{ نعمة الله عليكم} .فيكون التقدير: واذكروا إذ تأذن ربكم ،على أن{ إذ} منصوبة على المفعولية وليست ظرفاً وذلك من استعمالاتها .وقد تقدم عند قوله تعالى في سورة الأعراف ( 167 ):{ وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم} وقوله:{ واذكروا إذ كنتم قليلاً فكثركم}[ سورة الأعراف: 86] .
ومعنى{ تأذن ربكم} تكلّم كلاماً عَلَناً ،أي كلم موسى عليه السلام بما تضمنه هذا الذي في الآية بمسمع من جماعة بني إسرائيل .ولعل هذا الكلام هو الذي في الفقرات ( 9 20 ) من الإصحاح ( 19 ) من « سفر الخروج » ،والفقرات ( 1 18 ،22 ) من الإصحاح ( 20 ) منه ،والفقرات ( من 20 إلى 30 ) من الإصحاح ( 23 ) منه .
والتأذن مبالغة في الأذان يقال: أذن وتأذّن كما يقال: توعّد وأوعد ،وتفضّل وأفضل .ففي صيغة تفعّل زيادة معنى على صيغة أفْعَلَ .
وجملة{ لئن شكرتم} موطئة للقسم والقسم مستعلم في التأكيد .والشكر مؤذن بالنعمة .فالمراد: شكر نعمة الإنجاء من آل فرعون وغيرها ،ولذلك حذف مفعول{ شكرتم} ومفعول{ لأزيدنكم} ليقدر عاماً في الفعلين .
والكفر مراد به كفر النعمة وهو مقابلة المنعم بالعصيان .وأعظم الكفر جحد الخالق أو عبادة غيره معه وهو الإشراك ،كما أن الشكر مقابلة النعمة بإظهار العبودية والطاعة .
واستغنى ب{ إن عذابي لشديد} عن{ لأعذبنه عذاباً شديداً}[ النمل: 21] لكونه أعم وأوجز ،ولكون إفادة الوعيد بضرب من التعريض أوقع في النفس .والمعنى: إن عذابي لشديد لمن كفر فأنتم إذن منهم .