ثم قال تعالى محرضا رسوله النبي الأكرم:{ إنا كفيناك المستهزئين ( 95 )} ، أي حفظناك من شرهم ، فلا ينالون منك ولا من دعوتك ، وما يكون منهم من أذى بالقول ، أو الغمز ، أو نحو ذلك من أساليب الاستهزاء أو السخرية والتعابث في تلقى الدعوة ، لن ينال من شخصك ، ولا من أتباعك إلا بمقدار ما ينال المؤمن صاحب الحق من عبث العابثين ، وإن يسخروا منك ، فسوف يكون اليوم الذي يسخر الحق منهم .
وفي بعض التفسير الأثري أن الله تعالى كفاه أشد المستهزئين ، وذكر أنهم كانوا خمسة رجال من أشراف قريش هم الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل ، وعدي بن قيس ، والأسود بن عبد يغوث ، والأسود بن المطلب يبالغون في إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم والتهكم به وبدعوته ، فأهلكهم الله تعالى ، أما الوليد فمر بنبال فتعلق به سهم ، فلم ينعطف تعظما لأخذه فأصاب عرقا في عقبه فمات قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحضر بدرا ، وأن العاص بن وائل ، قد دخلت في أخمص قدمه شوكة فانتفخت رجله حتى صار كالرحى ، ومات منها ، وأما عدي بن قيس ، فامتخط قيحا حتى مات ، وأما الأسود بن عبد يغوث فإنه كان تحت شجرة فأصابته حال كان ينطح بسببها الشجرة ، ويضرب الشوك حتى مات ، وأما الأسود بن المطلب ، فقد أصابه الاستسقاء ، وهذا خبر قد روى وليس لنا أن نرده ، لمجرد أنه خارق للعادة ، ولكن نقول الآية من غير الاعتماد عليه واضحة .