ولقد قال تعالى كيف كانت حالهم بالنسبة لذكر الله للعذاب والثواب والبعث ، فقال عز من قائل:
{ الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعا 101} .
الموصول بدل أو عطف بيان ، وهو يشير إلى سبب اختصاصهم بالعرض ، إذ إنهم كانوا لا يرونها بعين الاعتقاد ، ولا يستمعون إلى ذكرها بأذن الحق والإنصات إليه .
{ كانت أعينهم في غطاء عن ذكري} ، الذكر مضاف إلى الله تعالى ، أي الأمور التي تذكر بالله تعالى وقدرته الباهرة القاهرة على كل شيء وإلى آياته في الكون ودلائل قدرته على إعادتهم كما بدأهم ، وشبه حالهم في عدم إدراكهم للحق من آيات الله تعالى بحال من يكون أمام المبصرات ، ولكنه وضع على عينيه غطاء يجعله لا يرى ولا يبصر ، ويكون قوله تعالى:{ عن ذكري} مقويا لمعنى التشبيه ومع أنهم كانوا لا يرون الآيات للغطاء الذي وضعوه على أعينهم كانوا لا يستمعون إلى الداعي إلى الحق إذا دعاهم فهم قد سدت أمانيهم كل وسائل الإدراك .
فهم لا يرون الآيات بأنفسهم فهم على أعينهم غطاء ، أو كمن يكونون على أعينهم ، ولا يستطيعون سماع الحق ، لأن أهواءهم وشهواتهم وغرورهم بهذه الدنيا التي أغرتهم بغرورها وزخرفتها وزينتها قد حالت بينهم وبينه ، وشبه إعراضهم عنه وعدم قبول قول رسلهم بمن أصيب بصمم ، ولم يستطع سماع القول الهادي المرشد .