قوله تعالى:{الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ في غطاء عَن ذِكْرِي وَكَانُواْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً 101} الآية .
التحقيق في قوله:{الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ} أنه في محل خفض نعتاً للكافرين .وقد بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن من صفات الكافرين الذين تعرض لهم جهنم يوم القيامةأنهم كانت أعينهم في دار الدنيا في غطاء عن ذكره تعالى ،وكانوا لا يستطيعون سمعاً .وقد بين هذا من صفاتهم في آيات كثيرة ،كقوله في تغطية أعينهم:{وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} الآية ،وقوله{وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً} الآية ،وقوله:{أَفَمَن يَعْلَمُ أنما أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى} ،وقوله:{وَمَا يستوي الأعمى وَالْبَصِيرُ} الآية ،والآيات بمثل ذلك كثيرة جداً .وقال في عدم استطاعتهم السمع:{أَوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ 23} ،وقال:{إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِى آذَانِهِمْ وَقْراً} .وقد بينا معنى كونهم لا يستطيعون السمع في أول سورة «هود » في الكلام على قوله تعالى:{يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ 20} فأغنى عن إعادته هنا .وقد بينا أيضاً طرفاً من ذلك في الكلام على قوله تعالى في هذه السورة الكريمة:{إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِى آذَانِهِمْ وَقْراً} وقد بين تعالى في موضع آخر: أن الغطاء المذكور الذي يعشو بسببه البصر عن ذكره تعالى يقيض الله لصاحبه شيطاناً فيجعله له قريناً ؛وذلك في قوله تعالى:{وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَانِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ 36} .