{ واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل كلماته ولن تجد من دونه ملتحدا 27} .
قال بعض المفسرين إن هذه الآية آخر ما يتعلق بقصة أهل الكهف ، وإنّا وإن كنا لا نقول إنها جزء منها ، وليست متممة لها ، ولكن لها صلة بها من حيث إن المصدر الصادق الثابت لها هو القرآن فليس ثمة مصدر حق سواه ، ولذا جاء بعده ما يدل على كمال صدقه وكمال العناية به ، وهذه الآية تدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعه إلى مدارسته ، وتلاوته والعكوف عليه وتعرف أحكامه ، والأخذ بها أمرا ونهيا ، وطاعته في ظاهر نفوسهم وباطنها .
قال تعالى:{ واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك} من هنا بيانية ،{ واتل} معناه اقرأه مرتلا متلوا متفهما لمعانيه متيقظا له ذكر{ ما أوحي إليك} قبل{ كتاب ربك} للإشارة إلى أن السبب في هذه العناية والدراسة والتلاوة أنه أوحي إليك فهي رسالتك التي حملتها ، ووجب عليك تبليغها ، كما قال تعالى:{ يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس . . . . 67} ( المائدة ) .
وذكر سبحانه وتعالى أن الموحى به المتلوّ هو{ كتاب ربك} ، و{ من} كما قلنا بيانية ، وأنه ثابت قائم كل ما فيه من أحكام حق وكل ما فيه من أخبار صدق{ لا مبدل لكلماته} ، أي لا مغير لكلمات الله ، ولا بدل لها يماثلها صدقا وحقا ، فلا يوجد مبدل ولا بديل ، وهي المعتصم للمؤمن ، والحجة الخالدة إلى يوم القيامة ، وهو معتصمك يا محمد ، وحجتك ، وملجؤك الذي تعتمد عليه والله مؤيدك عليه ،{ ولن تجد من دونه ملتحدا} ، أي لن تجد من غيره ملجأ أو موئلا ، فهو سنادك الذي جعله الله تعالى لك عمادا وملجأ وحجة تحتج بها ، وهي في ذاته عماد ، لأنه الذي اشتمل على كل الدين .