وقد رد الله سبحانه وتعالى قولها بأنه سبحانه أراد ذلك ، وإرادته فوق الأسباب ، ولذا قال تعالى:
{ قال كذلك قال ربك هو على هيّن ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا 21} .
{ قال}:أي جبريل ،{ كذلك} خبر لمبتدأ محذوف ، أي الأمر كذلك ، قد تقرر في علم الله المكنون وقدره المحتوم ، فلا تغيير فيه استبعدتيه أو لم تستبعديه ،{ قال ربك هو على هين} ، أي قال ربك الذي خلقك ولم تكوني شيئا وكلأك وحماك ورباك واصطفاك على نساء العالمين ، لهذه الخاصة التي منحك الله تعالى إياها ، هو علي الله هين ، لأنه يكون أي شيء في الوجود بقوله تعالى:{. . .كن فيكون 117} ( البقرة ) ، فليس خلق شيء بعزيز على الله خالق لا شيء{ ولنجعله آية للناس} ( الواو ) عاطفة على فعل محذوف يفهم من الكلام{ هو علي هين} فثبتت قدرتنا الكاملة في تغيير الأسباب العادية ومسبباتها ، وإن إرادتنا لا على الغلام ، والآية هي الدلالة على قدرة الله تعالى المطلقة على خرق الأسباب والمسببات ، فأي دلالة أقوى في الدلالة على أن الله تعالى فعال لما يريد ، لا تتقيد بالأسباب والمسببات ، كما يتوهم الفلاسفة ومن يلف لفهم ويسير في دروبهم .
{ ورحمة منا} ، أي أن ذلك الغلام سيكون آية دالة على كمال القدرة الربانية وسيكون رحمة منا ، إذ نبعثه بالرحمة والرأفة والتسامح الإنساني .
ويقول سبحانه في بيان أن ذلك أمر محتوم{ وكان أمرا مقضيا} قررنا بحكته ، وفي حدود قدرتنا ، ونفذناه بحكمتنا العالية التي لا تعلو إليها مدارك البشر ، إنه هو العليم الخبير السميع البصير .