ويقول في أحوال يوم القيامة وأهواله:
{ ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا 69} .
{ ثم} عاطفة للترتيب والتراخي ، لأنه ترتيب أعمال يوم ، فيكون الحشر ثم الإحضار إلى جهنم جثيا ثم نزع أشدهم عتوا من الشيع ، من كل شيعة أعتادها وأجرَؤُها على الرحمن ، وقوله تعالى:{ لننزعنّ} ( اللام ) لام القسم التي تكون في جوابه وهي تنبئ عن قسم مقدر في القول ، والنزع الاستخراج لا اختيار للمنزوع فيه ، بل متخيّر مأخوذ أخذا لا اختيار له فيه ، الشيعة على وزن "فعلة"، وهي الطائفة المتشايعة في عنادها وكبريائها وعصيانها ، والنزع من كل طائفة لها هذا التعاون على الشر ، وقوله تعالى:{ أيهم أشد على الرحمن عتيا} والعتى مصدر عتا يعتو عتيا بالضم وعتيا بالكسر ، وعتوا ، وأشد شرا فيهم ، و{ أيهم} قد تكون في معنى الاستفهام ، والجواب عنه ، أي الذي يقال فيهم أيهم أشد على الرحمن ، أي أجرأ في الباطل والظلم والاستكبار ، وقيل:أشد على الرحمن عتيا ، لأنه إذا كان عاتيا على الرحمن جريئا عليه ، فهو ممعن في الشر إمعانا ، إذ هو غير شاكر للرحمة ، لأنه ممعن في الاستكبار على مصدرها ومرسلها ، وهكذا ينزع الله تعالى يوم القيامة من فئة متشايعة على الشر أشدهم عتوا وتجبرا ثم الذي يليه كل في طبقته من الشر ، وهذا يشير إلى أن من دون هؤلاء عتوا وجحودا ، قد يكون في موضع الغفران إذا تاب ، وإن الحسنات يذهبن السيئات ، وإنه بعد نزع أشدهم عتوا يكون الصليّ في نار جهنم ، ولذا قال تعالى:
{ ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا 70} .