قوله تعالى:{ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَانِ عِتِيّاً 69} .
قوله في هذه الآية{لَنَنزِعَنَّ} أي لنستخرجن{مِن كُلّ شِيعَةٍ} أي من كل أمة أهل دين واحد .وأصل الشيعة فعلة كفرقة ،وهي الطّائفة التي شاعت غيرها أي تبعته في هدى أو ضلال ؛تقول العرب: شاعه شياعاً: إذا تبعه .
وقوله تعالى:{أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَانِ عِتِيّاً 69} .
أي لنستخرجن ولنميزن من كل طائفة من طوائف الغي والفساد أعصاهم فأعصاهم ،وأعتاهم فأعتاهم ،فيبدأ بتعذيبه وإدخاله النار على حسب مراتبهم في الكفر ،والإضلال والضلال .وهذا هو الظاهر في معنى الآية الكريمة: أن الرؤساء القادة في الكفر يعذبون قبل غيرهم ويشدد عليهم العذاب لضلالهم وإضلالهم .
وقد جاءت آيات من كتاب الله تعالى تدل على هذا ،كقوله تعالى:{الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ 88} ،وقوله تعالى:{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْألُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ 13} ،وقوله:{لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ ساء مَا يَزِرُونَ 25} ولأجل هذا كان في أمم النار أولى وأخرى .فالأولى: التي يبدأ بعذابها وبدخولها النار .والأخرى التي تدخل بعدها على حسب تفاوتهم في أنواع الكفر والضلال ،كما قال تعالى:{قَالَ ادْخُلُواْ في أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنْسِ في النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِن لاَّ تَعْلَمُونَ 38 وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لأخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ 39} .