القول في عطف جملة{ ثمّ لننزعنّ من كلّ شيعة} كالقول في جملة{ ثمّ لنحضرنهم} .وهذه حالة أخرى من الرّعب أشدّ من اللتين قبلها وهي حالة تمييزهم للإلقاء في دركات الجحيم على حسب مراتب غلوّهم في الكفر .
والنزع: إخراج شيء من غيره ،ومنه نزع الماء من البئر .
والشيعة: الطائفة التي شاعت أحداً ،أي اتّبعته ،فهي على رأي واحد .وتقدم في قوله تعالى:{ ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين} في سورة الحِجر ( 10 ) .والمراد هنا شيع أهل الكفر ،أي من كلّ شيعة منهم .أي ممن أحضرناهم حول جهنّم .
والعُتِيّ: العصيان والتجبّر ،فهو مصدر بوزن فُعول مثل: خروج وجلوس ،فقلبت الواو ياء .وقرأه حمزة ،والكسائي ،وحفص ،وخلف بكسر العين إتباعاً لحركة التاء كما تقدّم في جثياً .
والمعنى: لنميزنّ من كلّ فرقة تجمعها محلة خاصة من دين الضلال من هو من تلك الشيعة أشدّ عصياناً لله وتجبّراً عليه .
وهذا تهديد لعظماء المشركين مثل أبي جهل وأميّة بن خلف ونظرائهم .
و ( أيّ ) اسم موصول بمعنى ( ما ) و ( من ) .والغالب أن يحذف صدر صلتها فتبنى على الضم .وأصل التركيب: أيّهم هو أشدّ عتياً على الرحمان .وذكر صفة الرحمان هنا لتفظيع عتوّهم ،لأنّ شديد الرّحمة بالخلق حقيق بالشكر له والإحسان لا بالكفر به والطغيان .
ولمّا كان هذا النّزع والتمييز مجملاً ،فقد يزعم كل فريق أن غيره أشدّ عصياناً ،أعلم الله تعالى أنّه يعلم من هو أولى منهم بمقدار صُلي النّار فإنّها دركات متفاوتة .