{ يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما 110} .
{ يعلم ما بين أيديهم} أي ما هو أمامهم ويستقبلهم ،{ وما خلفهم} ، أي ما خلفوه وقاموا به من أعمال ، هذا تعبير قرآني يعبر عن الأمور الحاضرة والمستقبلة بأنها بين الأيدي ، وكأن في الكلام استعارة شبّه الأمور التي تقع في الحاضر أو المستقبل بما يكون مهيأ بين أيديهم يفعلونه ، والأمور الماضية التي عملوها في الماضي بما خلفهم ، لأنهم تركوه فكان في أعقابهم فالله علم أعمالهم ، وما تستحق من جزاء ، وما قدره من عقاب ، وثواب وغفران ورحمة من عنده إنه هو الغفور الرحيم الودود السميع البصير .
{ ولا يحيطون به علما} الضمير في{ به} يصح أن نقول إنه يعود على{ ما بين أيديهم وما خلفهم} فالله سبحانه وتعالى يعلمه ، وهم لا يحيطون بشيء من علم هذا ، فالقابل مغيّب عنهم لا يعلمونه ، والحاضر لا يعلمونه علم إحاطة ، بل علم الإحاطة عند الله وحده ، وكذلك ما خلفهم لا يعلمونه علم إحاطة ، والمراد بعلم الإحاطة علم البواعث والغايات والنافع والضار ، ونتائج الأفعال وثمراتها وحقائقها وكنهها وما تسره الأنفس وما تعلنه ، وقوله تعالى:{ ولا يحيطون به علما} هو كقوله تعالى:{. . .ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء . . . 255} ( البقرة ) .
ويصح أن نقول:إن الضمير يعود على ذي الجلالة ، لأن الله أعلى من أن نعرف ذاته ، إلا بما يعرفنا به من صفات ، والاحتمال الأول أقرب ، وبه نقول ، والله أعلم .