وقد أخذ يبين لله تعالى العهد وسياقه ، فقال عز من قائل:
{ فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى 117} .
"الفاء"فاء السببية ، لأن ما قبلها سبب لما بعدها ، فالحكم بأنه عدو لآدم وزوجته مترتب على امتناعه عن السجود وما سوغ له الامتناع ، وهو توهمه أنه خير منه ، وأنه يحسده على منزلته عند ربه ، وأي عداوة أقوى من ذلك ، وإذا كانت العداوة قد بدت فتوقّع الشر ، والإيذاء يقترن بها لا محالة ، ولذا أكد الله هذه العداوة ، فقال:{ إن هذا عدو لك ولزوجك} وأكد العداوة ب"إن"المفيدة للتوكيد ، وبالجملة الاسمية ، وبالإشارة ، لأن الإشارة متجهة نحو ما بدا منه وهو كلامه وامتناعه عن السجود ، فالإشارة تشير إلى سبب العداوة ، وإذا ثبتت العداوة فلا بد أن يتوقع آدم نتائجها ، وهي محاولة إخراجه من المكان الذي كرم فيه وكان السجود والخضوع فيه ، ولذا قال تعالى:{ فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى} "لام"ناهية ، والنهي سببه العداوة ، وقد أكد النهي بنون التوكيد الثقيلة ، وبأن الخروج من الجنة ، وأنه يترتب عليه الشقاء ، وهنا ملاحظة بيانية ، وهو أن النهي كان لهما ، ولكن ذكر الشقاء لآدم ، ونقول إن الشقاء أيضا لهما ، ولكن ذكر آدم وحده ، لأن آدم يشقى شقاءين ، شقاؤه هو الذي يقع فيه ، وشقاؤه إذا يشقى به ، لأن الرجال يتحملون التبعات عن أنفسهم وعن النساء ، لأنهم قوامون عليهم ، فأوجدت هذا القوامة تبعات عليهم أكثر ، وفي طبيعة النساء اليوم تحميل الرجال التبعة حتى على أخطائهن وحدهن .