وقد نبهه إلى مغبَّة تعجله فقال عز من قائل:
{ قال فإنا قد فتنّا قومك من بعدك وأضلهم السامري 85} .
فاعل "قال"هو الضمير العائد على الله جلت قدرته ، والفاء للسببية ، أي بسبب غيبتك وعدم قيامك بحق الرقابة النفسية عليهم التي مكناك منها ،{ قد فتنا قومك من بعدك} أي اختبرناهم لتتبين مقدار إرادتهم وعقولهم ومداركهم وأضاف الاختبار الذي سماه "فتنة"إلى نفسه ، وهو العليم بكل شيء قبل وقوعه ، وبعد وقوعه ، فالأزمان تكون بالنسبة للناس لا بالنسبة للذات العلية .
وعبر سبحانه فقال:{ قومك من بعدك} أضاف القوم إليه استحثاثا لهمته ، وقوة في عتابه ، أي أنهم قومه الذي جاء لإخراجهم من طغواء فرعون ، ولكن لم يزل الأثر السيئ في عقولهم فطغى بتعاليمه عليهم نفسيا ، وإن خلعوا الربقة ، وأزالوا رق الأجساد ، فلم يزيلوا رق النفوس ، ولقد قال تعالى:{ وأضلهم السامرين} ، أي أوقهم في الضلال ، والسامري شخص انتقل معهم من مصر ، كان يجيد النحت والتصوير ، ولم ينص على أنه من الإسرائيليين أو أهل مصر الأصليين ، ويغلب على الظن أنه إسرائيلي اندمج مع المصريين وعرف صناعاتهم ، وقيل:إنه كان هنديا يعبد البقر ، ثم اعتنق ديانة بني إسرائيل .