{ أم} هي أم المنقطعة ، وهي تدل على الإضراب ، وهمزتها للاستفهام ، والمعنى بل ألهم آلهة . . . . والإضراب انتقالي من لوم إلى لوم ، لامهم سبحانه على إنكارهم كلاءة الله تعالى لهم ، ثم أنكر عليهم اتخاذهم آلهة يحسبون أنها تمنعهم من عذاب أو مما ينزل بالليل والنهار والاستفهام المستفاد ب"أم"بمعنى "بل"لهم آلهة ، استفهام إنكاري بمعنى إنكار الواقع ، وإنكار الواقع تأنيب ولوم ، فقوله:{ أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا} إنكار لما يعتقدون من أن آلهتهم تمنعهم دون أن يمنعهم الله ، فقوله:{ من دوننا} معناها غيرنا ، ووصف الآلهة التي زعموها بوصف ، ووصفهم بوصف ، أما وصف آلهتهم فبقوله تعالى:{ لا يستطيعون نصر أنفسهم} أي أنهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ، ولا نصرا فكيف ينصرون غيرهم ، وهم لا يملكون لأنفسهم شيئا .
وكان الضمير على الأوثان ضمير العقلاء مجاراة لهم في عبادتهم ، وليس اعترافا بأنها تعقل . الوصف الثاني ، وصف المشركين ، وهو قوله تعالى:{ ولا هم منا يصبحون} أي يجارون ، وهذا تفسير ابن عباس الذي رواه عنه مجاهد ، واختاره الطبري ، ونحن نوافقه في هذا الاختيار ، والمعنى على هذا لا تنصرهم أوثانهم ، والله لا يصحبهم بجوار يمنعهم لأنهم مشركون ، ولا جوار من الله لمن يشرك به ولا يعبده وحده .
ولقد أشار سبحانه إلى السبب في إصرارهم على الشرك ، ومعاندتهم لدعوة التوحيد ، فقال عز من قائل:
{ بل متعنا هؤلاء وآبائهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون} .