وصفهم الله تعالى بوصفين أولهما:أنهم يخشونه ، أي يخافونه ، معظمين أنه مؤمنين بألوهيته مصدقين لكل ما يأمر به ، طائعين لأوامره ونواهيه ، ووصف الله الذين يخشونه بأنه ربهم الذي خلقهم وربهم وهو القائم على شئونهم ، ويخشونه وهو غائب عنهم ، علموه بالعقل والنقل فهم يعبدونه كأنهم يرونه وهذا هو الإحسان في العبادة ، وهو حقيقة الخشية .
الوصف الثاني:أنهم يعرفون أن الله تعالى لم يخلق الناس عبثا ، بل لهم بعث وحساب وعقاب ، وهم يستشعرون الخوف من نتيجة الحساب ، ولذا قال تعالى:{ وهم من الساعة مشفقون} أي والثواب ، فهم يغلبون الخوف على الرجاء ، والساعة هي يوم القيامة ، وعبر بالساعة ، لأنها ساعة شديدة ، فهم يخافون الحساب لأنهم يستصغرون حسناتهم ويستكثرون سيئاتهم .
هذا شأن الفرقان الذي آتى موسى فيه تذكير للمتقين الذين لهم هذه الأوصاف ، ولم يكن بنو إسرائيل على تلك الأوصاف ، ولكنه مع ذلك ضياء وذكر للمتقين الذين ربما يوجدون من بعدهم حتى جاء محمد صلى الله عليه وسلم .