وإن أهل هذه القرون أرسل إليهم فقال تعالى:
{ فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ( 32 )} .
في هذا النص أنه سبحانه وتعالى أرسل إليهم رسولا ، مع أن الذين جاءوا بعد نوح رسل في أقاليم مختلفة ، وفي قرون متوالية ، رسولا بعد رسول ، وربما يكونون عدة رسل في جيل واحد ، كإبراهيم ولوط ، وكموسى وهارون ، ولكن أفرد ذكر الرسول ؛ لأنهم جميعا جاءوا برسالة واحدة وهي التوحيد ، والإصلاح ، فهم وإن تعددوا هم كرسول واحد ، وذكرت الدعوة بالصيغة التي ذكرت بها دعوة نوح عليه السلام:{ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ} و{ أن} هنا تفسيرية ، لأن ما بعدها تفسير ل{ فأرسلنا} ، أي أرسلناهم بأن يقولوا اعبدوا الله ما لكم من إله غيره . أي ليس لكم من إله أي إله غيره ،{ أفلا تتقون} ، وقد تقدم ذكر معناها قريبا ، ولقد ذكر سبحانه أن الرسول منهم يعرفونه ويألفونه ، ويكون من أوسطهم نسبا ، وأعلاهم مكانة