وبما أنّ البشر لا يمكن أن يعيشوا دون قائد ربّاني ،فقد بعث الله أنبياءه يدعون إلى توحيده ويقيمون عدالته بين الناس ،حيث تقول الآية التالية: ( فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ) .
وهذه هي الركيزة الأساسيّة لدعوة الأنبياء ،إنّها نداء التوحيد ،اُسُّ جميع الإصلاحات الفردية والاجتماعية ،وبعدها أكّد رسل الله لهم القول: إنّكم وبعد هذه الدعوة الصريحة ألا تتركون الشرك وعبادة الأوثان: ( أفلا تتّقون ) .
أمّا أيّ قوم كان هؤلاء ؟ومن هو نبيّهم ؟
قال المفسّرون بعد دراسة الآيات المشابهة لهذه الآية: هناك احتمالان:
الأوّل: أنّهم قوم ثمود الذين عاشوا شمال الحجاز ،وبعث الله النّبي «صالح »( عليه السلام ) لهدايتهم ،إلاّ أنّهم كفروا وطغوا فأهلكهم الله بالصيحة السماوية ( الصاعقة القاتلة ) وشاهد هذا التّفسير ودليله هو الصيحة التي ذكرت في ختام الآيات موضع البحث ،والتي جاءت في سورة هود الآية ( 67 ) حيث خصّت قوم صالح ( عليه السلام ) .
والاحتمال الثّاني: خصها بقوم «عاد » الذين كان نبيّهم «هود » ( عليه السلام ) ،وقد ذكرتهم آيات قرآنية مباشرة بعد سرد قصّة نوح ( عليه السلام ) ،وهذا دليل على صحّة هذا التّفسير{[2701]} ،إلاّ أنّ عقاب قوم عاد كما جاء في الآيتين السادسة والسابعة من سورة «الحاقة » ،كان ريحاً شديداً استمرّ سبعة أيّام فدمّرهم عن بكرة أبيهم ،إذن فالتّفسير الأوّل هو الأصحّ .
ولننظر الآن ماذا كان ردّ فعل هؤلاء القوم المعاندين إزاء التوحيد الذي أعلنه هذا النّبي الكبير ؟
/خ41