{ فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ ( 54 )} .
الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، والضمير يعود إلى المشركين ، فإنهم حاضرون في ذهن النبي صلى الله عليه وسلم في أنهم في كفرهم وعنادهم موضوع القول ، وتسرية الله لنبيه لأجل أذاهم المستمر اللحوح ، والغمرة الماء الكثير الذي يغمر من ينزل فيه ، والمراد الجهالة ، أي ذرهم في جهالتهم التي غطت عقولهم وفكرهم كما تغطى الغمرة:التي تغطي أجسامهم ، وإن جهالتهم هذه جعلتهم في حيرة بين حق رأوا دلائله ، وباطل قد استولى على نفوسهم ، وقوله تعالى:{ حتى حين} إلى حين ليس ببعيد ، وإنه لقريب ؛ لأنه واقع ، وكل واقع قريب مهما يتباعد زمانه .
والفاء فاء الإفصاح ، والمعنى إذا كانوا قد أعرضوا عن الحق ، ولجوا في إعراضهم جهالة وحيرة فذرهم حتى حين ، والحين الذي ينتهي عنده انتظار أمر الله هو ما بعد الهجرة ، ولقاؤهم في ميدان القتال ، ويكون دفع ظلمهم ووقفهم عند حدودهم ، ولا يصح أن يظنوا أن مالهم وأولادهم تغني عنهم شيئا ، ولذا قال تعالى: