وقد بين الله تعالى ما يرخص فيه من دخول بيوت غيرهم ، فقال:
{ لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ ( 29 )} .
الجناح الإثم ، وتنكيره ليعم ، أي ليس إثم في أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم ، أي طعام
أو أي شيء يقتني وينتفع به من فرش وثياب ، وأمتعة ، وغيرها ، وقيد سبحانه وتعالى أن تكون غير مسكونة ، فلا يترتب على الدخول كشف للأستار ، ولا انتهاك للحرمات ، ولا تهجم ، وقد يقال:إن فيها اعتداء على حق الملكية ، ونقول:إنه ليس فيها اغتصاب ، بل إنه دفع ضرر أكبر من ضرر الدخول ، إذ إنه لو لم يتمكن من الدخول ربما يتلف المتاع إذا لم يسارع إلى أخذه ، فلصاحب المتاع نفع ، ولا ضرر على صاحب البيت مطلقا ، وقد وضع محمد صلى الله عليه وسلم بقبس من القرآن أنه يمكّن لصاحب الحق من دفع الضرر عنه ما دام ذلك لا يضر أخاه ، وقد قالوا:إن ذلك يتحقق في الخانات التي تكون مخصصة لنزول التجار من المسافرين ، يتركون فيها بضائعهم ، ثم يعودون لأخذها ، ونحو ذلك من الدور التي توضع فيها الأمتعة ، ولا يسكنها الناس إلا قليلا .
ويبين الله سبحانه وتعالى أنه يعلم الظاهر والباطن ويعلم ما تخفون من نيات تكتمونها ، فقال سبحانه:{ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ} ، أي يعلم ما تظهرونه من أعمالكم ، ويعلم ما تخفونه من نيات وتستنبطونه صدوركم فهو وحده علام الغيوب .