/م27
29 - لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ .
جناح: حرج .
متاع: أي: حق تمتع ومنفعة ،كإيواء الأمتعة والرحال ،والشراء والبيع ،كحوانيت التجارة والفنادق والحمامات ونحوها .
ليس عليكم – أيها المؤمنون – إثم ولا حرج أن تدخلوا بيوتا غير معدة لسكن قوم معينين ،بل معدة ليتمتع بها من يحتاج إليها كائنا من كان ،كالفنادق والحوانيت والحمامات ونحوها ،مما فيه حق التمتع لكم كالمبيت فيها ،وإيواء الأمتعة ،والبيع والشراء ،والاغتسال ونحو ذلك ،لأن السبب الذي لأجله منع دخول البيوت ،غير موجود فيها .
وسبب نزول هذه الآية: على ما أخرجه ابن أبي حاتم ،عن مقاتل: أنه لما نزل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ ...الآية ،قال أبو بكر الصديق – رضي الله عنه -: يا رسول الله ،فكيف بتجار قريش ،الذين يختلفون بين مكة والمدينة والشام وبيت المقدس ،ولهم بيوت معلومة على الطريق – يريد الحانات التي في الطريق – فكيف يستأذنون ويسلمون وليس فيها ساكن ؟فرخص الله – سبحانه – في ذلك فأنزل قوله تعالى: ليس عليكم جناح ...فتكون الآية مخصصة لعموم الآية السابقة .
قال القاسمي:
فيها متاع لكم ...أي: منفعة وحاجة .والله يعلم ما تبدون وما تكتمون .أي: والله عليم بما تظهرون بألسنتكم من الاستئذان ،إذا استأذنتم على أهل البيوت المسكونة ،وما تضمرون من حب الاطلاع على عورات الناس ،أو من قصد ريبة أو فساد ،وفي هذا من الوعيد الشديد ما لا يخفى119 .
جاء في تفسير القرطبي:
قال جابر بن زيد: ليس يعني بالمتاع الجهاز ،ولكن ما سواه من الحاجة ،إما منزل ينزله قوم من ليل أو نهار ،أو خربة يدخلها لقضاء حاجة ،أو دار ينظر إليها ،فهذا متاع ،وكل منافع الدنيا متاع .
قال أبو جعفر النحاس: وهذا شرح حسن من قول إمام من أئمة المسلمين ،وهو موافق للغة ،والمتاع في كلام العرب: المنفعة ،ومنه: أمتع الله بك ،ومنه: ( فمتعوهن ) .قلت: واختاره أيضا القاضي أبو بكر بن العربي ،وقال: أما من فسر المتاع بأنه جميع الانتفاع ،فقد طبق المفصل وجاء بالفيصل ،وبين أن الداخل فيها إنما هو لما له من الانتفاع ،فالطالب يدخل في الخانكات – وهي المدارس – لطلب العلم ،والساكن يدخل الخانات وهي الفنادق ،والزبون يدخل الدكان للابتياع ،والحاقن يدخل الخلاء للحاجة ،وكل يأتي على وجهه من بابه120 .