هذه الأحكام كلها أحكام لصيانة المجتمع الإسلامي وليكون طاهرا لا دنس فيه ، ولصيانة الأسرة ، ولصيانة المرأة المسلمة حرة أو أمة ، والرجل المسلم حرا أو عبدا ، وهي آيات بينات ، ولذا قال تعالى:
{ وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ ( 34 )} .
يذكر الله تعالى في هذه الآية أنه أنزل في القرآن الكريم ثلاثة أمور .
أولها:{ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ} ، أي آيات مبينة للأحكام الشرعية في الأسرة والمجتمع الإسلامي والعلاقات الإنسانية بين المسلمين وغيرهم ، ففيها الآيات المكونة للأسرة من زواج وأحكام أولاد ، وحقوق للزوجين في أثناء قيام الحياة الزوجية وانتهائها ، وحقوق المرأة وحقوق الرجل ، ثم فيها ما شرع حماية للأسرة .
والأمر الثاني:{ وَمَثَلًا مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ} ، أي من أمثال الذين خلوا من قبلكم ، و"مثل"هنا مفرد يدل على الجمع ما دام غير معين ، وهو القصص الحكيم الذي كان فيه العبر ، كما قال تعالى:{ لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب . . . ( 111 )} [ يوسف] .
والأمر الثالث:الموعظةببيان عقاب الذين يفسدون المجتمع الإسلامي ، فذكر من قبل القصاص الذي تكون فيه المساواة بين الجريمة والعقوبة ، وساق سبحانه القول في ذلك سوقا حكيما ، ثم عقاب الذين يفسدون النسل ، والذين يشيعون الفاحشة في الذين أسلموا ، ففي كل هذا وعقوباته عظات لأولي الألباب يتعظ بها المتقون الذين يخافون عاقبه ويرجون ثوابه ، أما الذين لا يتقون الله ولا يرجون ما عنده ، فالسياط تكوى ظهورهم ، والسيوف تقطع رقابهم ، كما قال تعالى:{ وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس . . ( 25 )} [ الحديد] .