النفاق وضعف الإيمان
{ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ( 47 )} .
بين سبحانه وتعالى الذين استضاءوا بنور الله تعالى وأقاموا الحق في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، وأشار إلى أعمال الذين كفروا ، وأن ما يحسبونه خيرا منها يكون كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء ، وشرهم كظلمات في بحر لجي ، وهنا يبين سبحانه حال الذين لا يمس الإيمان قلوبهم ، وتترد به ألسنتهم ، كالأعراب الذين قالوا آمنا ولم يؤمنوا ،{ قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم . . . ( 14 )} [ الحجرات] .
يؤكدون إعلانهم الإيمان بأنهم يؤمنون بالله وبالرسول ، ويؤكدون ذلك بالطاعة ، والضمير يعود على المنافقين وضعاف الإيمان ، وإن الأمر الذي يختبر به إيمانهم هو طاعتهم لحكم الله تعالى ، وهؤلاء يبادرون بإعلان الطاعة بألسنتهم ، وقلوبهم غير مؤمنة ، ولا خاضعة لحكمه ، ولا مذعنة لأمره سبحانه ، وإنهم إذ يعلنون الإيمان بالله وبالرسول ، ويقولون أطعنا ثم يتولى فريق منهم غير مؤمن للحق ولا مذعن له ، ولذا يقول الله تعالى فيهم:{ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ} يتولى أي يعرض غير مؤمن ولا مذعن ، والتعبير ب{ ثم} للبعد بين ما نطقوا وحقيقتهم في ذات أنفسهم ، ولذلك نفى الله تعالى عنهم الإيمان نفيا مؤكدا ، فقال:{ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} أولئك إشارة للذين قالوا آمنا بالله وبالرسول ،{ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ} ، فالإشارة إلى هذا الفريق الذي أظهر الإيمان وأبطن الكفر ، نفى سبحانه وتعالى عنهم الإيمان ، وأكد النفي بالباء ؛ لأن الإيمان يقتضي إذعان القلب وتسليم الفؤاد .