{ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئولًا ( 16 )} .
الضمير في لهم يعود إلى المتقين{ ما يشاءون} ، أي ما يحبون ويريدون من ملاذ ، ومن متع أغلى مما في هذه الحياة ، ففيها كل ما يحبون ، ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، وإن الإحساس بالقدرة على تحقيق كل رغباتهم من نعمة هو في ذاته نعمة ، مع ما يتضمن من نعم أخرى ينالها ، فالملاذ نعمة ، والقدرة المستمرة عليها نعمة أخرى ، نعمة التمكين ، وهناك نعمة ثالثة تحف بهم ، وهي نعمة الخلود والدوام ، فهي نعم غير مقطوعة ، ولا ممنوعة ساعة من زمان ، وقد أكد سبحانه وتعالى وعده بها ، وأنه سبحانه كتبها على نفسه بقوله:{ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئولًا} ، أي كان ذلك الوعد الذي كتبه على نفسه مسئولا ، أي حقيقا بأن يسأله وبطلب فضلا من بك ورحمة ، فقد ألزم نفسه به ، ولم يلذ به غيره ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، فهو قد كتبه على ذاته العلية .
والتعبير بقوله تعالى:{ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئولًا} يشير إلى أنه من فضل الربوبية ورحمة المنعم القادر على كل شيء ، فالمسؤولية إلزام ، إنما هي مسؤولية إنعام نسألها ، كقوله تعالى كما أمرنا{ ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك . . ( 194 )} [ آل عمران] ، وكما يسأل الملائكة لعباد الله المؤمنين فيقولون:{ ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم . . . ( 8 )} [ غافر] .