/ت15
ملاحظات
1ينبغي الالتفات أوّلا إلى هذه النكتة ،وهي الآيات الكريمة وصفت الجنّة بالخلود تارةً وصفة لأهل الجنّة تارةً أُخرى ،ليكون تأكيداً على هذه الحقيقة ،وهي كما أن الجنة خالدة ،فكذلك ساكنوها .
2قوله تعالى ( لهم فيها ما يشاؤون ) جاءت في مقابل حال الجهنميين في الآية ( 54 ) من سورة سبأ ( وحيل بينهم وبين ما يشتهون ) .
3التعبير ب «مصير » بعد كلمة «جزاء » بالنسبة إلى الجنّة ،كله تأكيد على ما يدخل في مفهوم الجزاء ،وهو بجميعه نقطة مقابلة إزاء مكان أهل النّار ،حيث ورد في الآيات السابقة أنّهم يلقون في مكان ضيق محدود مقرنين بالأصفاد .
4قوله تعالى ( كان على ربك وعداً مسؤولا ) إشارة إلى أن المؤمنين كانوا في أدعيتهم يطلبون من الله الجنّة وجميع نعمها ،فهم السائلون ،والله «المسؤول منه » كما نقرأ قول المؤمنين في الآية ( 194 ) من سورة آل عمران ( ربّنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ...) ،لسان حال جميع المؤمنين أيضاً ،إنّهم يطلبون هذا الطلب من الله ،لأن لسان حال كل من يطيع أمره تبارك وتعالى أن يطلب ذلك .
والملائكة كذلك يسألون الله الجنّة والخلود للمؤمنين ،كما نقرأ في الآية ( 8 ) من سورة المؤمن: ( ربّنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ...) .
و يوجد هنا تفسير آخر ،وهو أنّ كلمة ( مسؤولا ) تأكيد على هذا الوعد الإِلهي ،الحتمي ،يعني أنّ هذا الوعد على قدر عظيم من القطع بحيث أنّ المؤمنين يستطيعون أن يطالبوا الله به ،وهذا يشبه ما إذا أعطينا وعداً لأحد ،وأعطيناهفي الضمنالحقَ في أن يطالبنا به .
قطعاً لا يوجد أي مانع من أن تجتمع كل هذه المعاني في المفهوم الواسع ل ( مسؤولا ) .
5بالالتفات إلى قوله تعالى ( لهم فيها ما يشاؤون ) ينشأ لدى البعض هذه السؤال: إذا أخذنا في الاعتبار المفهوم الواسع لهذه العبارة ،فنتيجة هذا أن أهل الجنّة إذا أرادوا مقام الأنبياء والأولياء يعطى لهم ،مثلا ،أو إذا طلبوا نجاة أقربائهم وأصدقائهم المذنبين المستحقين لجهنم ،يعطون سؤلهم ،وما سوى هذه الرغبات ؟!
و يتّضح الجواب مع الالتفات إلى هذه النكتة ،وهو أنّ الحجب تزول عن أعين أهل الجنّة فيدركون الحقائق جيداً ،ويتّضح تناسبها في نظرهم كاملا ،إنّهملا يخطر ببالهم أبداً أن يطلبوا من الله طلبات كهذه ،وهذا يشبه تماماً أن نطلب في الدنيا من طفل في الابتدائية أن يكون اُستاذاً في الجامعة ،أو أن يكون لصٌ مجرم قاضيَ محكمة ...ترى هل تخطر مثل هذه الأُمور في فكر أي عاقل في الدنيا !؟وفي الجنّة أيضاً كذلك ،فضلا عن هذا فإنّ كلَّ إرادتهم في طول إرادة الله ،وإنَّ ما يريدونه هو ما يريده الله .