وقد قال تعالى حكاية .
{ وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ( 5 )} .
الضمير يعود إلى المشركين الذين اتخذوا مع الله آلهة أخرى ، لأنهم حاضرون في ذهن أهل الإيمان دائما بجدالهم المستمر ، وعنادهم وملاحاتهم للنبي صلى الله عليه وسلم ،{ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} جمع أسطورة ، كما قال الزجاج ، وهو أخبار السابقين التي تذكر عنهم في السمر والمجالس ، وليس لها أصل صحيح ، إنما تكون لتزجية الفراغ ، وهذا فيه سخرية بالقرآن واستهانة به ، وبث الاستهانة عند القارئين له والسامعين{ اكتتبها} هذه صيغة الافتعال من الكتابة ، أي كتبها وجوّد كتابتها ، وهذا كلام يحتمله معنى اكتتبها ، وقيل إن معناها أنه طلب كتابتها من غيره ، لأنه أمي لا يقرأ ولا يكتب{ فهي تملى عليه} ، أي تلقى عليه ليكتبها ، أو يقرؤها عليه من يكتبها ، وأصل تملى تملل قلبت اللام الثانية ياء ، وعلى أي حال يملل ويملي بمعنى واحد ، وهما مترادفان .
وهؤلاء الكافرون لفرط استهانتهم افتروا على النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمور:
أولهاأنه إفك مفترى ، وقد ذكره سبحانه في الآية السابقة .
والثانيةأنه أساطير الأولين ، وأحاديثهم المفتراة .
والثالثةأنها تملى عليه فيكتبها ، أو تملى على النبي صلى الله عليه وسلم إملاء ، فيحفظها .
وقبل أن ننتهي من القول في هذه الآية نقول:إن الراغب الأصفهاني في مفرداته قال:إن اكتتب تكون لكتابة ما هو مختلق لا أصل له ، فتكون في كلمة اكتتب اتهام رابع بالافتراء والاختلاق ، ومعنى بكرة وأصيلا ، أي في الغدوة والأصيل ، أي أنه يملي عليه طول النهار في أوله وآخره ، والأصيل ما يكون قبل الغروب ، وبعد الظهيرة .