{ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورًا ( 4 )} .
وقد أظهر هنا ، ولم يذكر الضمير مجردا كالآية السابقة ؛ لبيان أن الصلة هي السبب في هذا القول ، فالقرآن لم يكن إفكا في ذاته ، فقد تحداهم أن يأتوا بمثله فعجزوا وببعضه فعجوزا ، وبأن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا ، وحصروه في الإفك فلم يقولوا:إفك بل يحصرونه في الإفك في قولهم{ إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} ( إن ) هنا نافية فهنا نفي وإيجاب ، أي ما هذا إلا إفك افتراه ، أي كذب قصد إلى افترائه ، وقد أوغلوا في الادعاء البهات الكذب فقالوا:{ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} والقوم الآخرون هم ناس كانوا من الروم بمكة ، وقد قال تعالى في رد كلامهم:{ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ( 103 )} [ النحل] ، وقد وصف الله تعالى فعلهم بقوله:{ فقد جاءوا ظلما وزورا} ( جاءوا ) بمعنى أتوا ، فيقال جئت المكان وأتيته ، الفاء للإفصاح ، أي فقد أتوا ظلما بهذا القول ، لأنه كفر وشرك ،{. . . إن الشرك لظلم عظيم ( 13 )} [ لقمان] ، ( وزور ) أي كذب يبهت السامع لأنه غريب في أنه لا أصل له ، وقد نكرظلما وزورللإشارة إلى عظمة هذا ، وكبر هذا الزور ، إذ إنه غير معقول في ذاته النسبة لمحمد صلى الله عليه وسلم إذ عاش بينهم أربعين سنة قبل الرسالة ، واشتهر بالصدق والأمانة ، حتى كان الأمين