{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ} فليس وحياً من اللهكما يزعم محمدبل هو من فكره الذاتي الذي صنعه ونسبه إلى الله ،ليحصل على الموقع المميز بيننا ،فهو كذب لا يخضع لحقيقة ،{وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ ءَاخَرُونَ} من أهل الكتاب ،أو ممن يملكون ثقافة الكتاب في ما يتحدث به عن قصص الأولين ومفاهيم الكون والحياة والعقيدة والدار الآخرة ،مما لا يملك معرفته لأنه لا يملك مصادرها ،{فَقَدْ جاءوا ظُلْماً وَزُوراً} في كلامهم هذا ،لأنهم لم ينطلقوا من مواقع شاملة لحقائق الأمور ،ليستطيعوا الجزم بالافتراء في هذا القرآن ،لأن ذلك يعني اطّلاعهم على الأساس الذي يكون به الإنسان رسولاً أو غير رسول ،أو على ما يتميز به كلام الوحي عن غيره ،في ما هو المضمون الفكري للكلام ،كما أنهم لم يقدّموا أيّ دليل على مساعدة الآخرين له في ذلك ،في ما شاهدوه من طبيعة العلاقة في ما بينه وبينهم ،أو في ما يعرفونه من ثقافته الذاتية وثقافتهم ،فليس هناك إلا الانطلاق من فرضيّة معقّدةٍ لا تخضع لفكر ،ولا تتحرك من معلومات ،وإنما تخضع للعقدة الذاتية في داخلهم ،في ما يواجهون به التحدي الرسالي الذي واجههم به الرسول محمد( ص ) .ولهذا أطلقت الآيات الحكم على هذا الكلام الذي قالوه ،فاعتبرته ظلماً ،من جهة أن الاتهام لم يكن دقيقاً في معطياته ،كما جعلته حكماً غير عادل ،وأنه زورٌ ،لأن أيّ حكم لا ينطلق من مواقع العلم فهو باطل .